عودة رئيس الجمهورية بعد مشاركته في قمة التعاون الصيني الإفريقي

عاد رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله مساء يوم أمس الأربعاء إلى أرض الوطن، بعد مشاركته في القمة الثالثة لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي «فوكاك» التي استضافتها العاصمة الصينية بكين يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين بحضور قادة وزعماء 53 دولة أفريقية.

وكانت أعمال قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي التي انعقدت تحت شعار: «التعاون المربح للجانبين... التكاتف لبناء مجتمع أقرب لمستقبل مشترك للصين وأفريقيا»، قد ركزت على بحث سبل الارتقاء بالعلاقات بين الصين وإفريقيا إلى مستوى أعلى، وتحديد الاتجاه المستقبلي لهذه العلاقات، وتعزيز التحول والارتقاء بالتعاون الاقتصادي والتجاري الصيني الإفريقي، ودفعه نحو تحقيق تنمية أكثر تنسيقا وتوازنا.

وفي كلمته، أشار رئيس الجمهورية إلى أن قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي تحمل شعار "إفريقيا ذات سيادة ومتضامنة مع الصين الواحدة غير القابلة للتجزئة، والتعهد ببناء مجتمع صيني إفريقي تشجعه ديناميكية الفوز"، معربا عن سعادته بالمشاركة في المناقشات بهذه القمة التي من شأنها أن تعزز الشراكة الصينية - الأفريقية والاستراتيجية التنموية للجانبين. وأوضح أن الصين التي تعتبر الآن قاطرة حقيقية للاقتصاد العالمي، قد أثبتت اهتمامها بمستقبل القارة الأفريقية وبأن تكون واعدة، نظرا لطموح الصين إلى دعم النمو والتنمية الشاملين وفقا للاحتياجات الخاصة للمجتمعات المحلية في القارة.

وأشار إلى أن الشراكة الصينية الإفريقية تقوم على اقتصاد تنموي يشجع على بناء البنية التحتية للنقل ويعزز التكامل الإقليمي الذي ينعكس إيجابا على حياة المجتمعات.

وأضاف: «إن جيبوتي على غرار البلدان الأفريقية، كانت تعاني من نقص في البنية التحتية. وبفضل شراكتنا مع الصين، شهد العقد الأخير إنجاز مشاريع كبرى لتطوير البنية التحتية للموانئ والسكك الحديدية والطرق من أجل تسهيل الوصول إلى الأسواق في المنطقة وزيادة التبادلات التجارية».

ووصف رئيس الجمهورية حصيلة إنجازات القمم الصينية - الأفريقية السابقة، بالإيجابية إلى حد كبير من حيث القيمة المضافة والرؤية، مشددا على أهمية بناء الثقة لازدهار التبادلات والاستثمار، باعتبارها عاملا مشجعا للأطراف على احترام الالتزامات التي تم التعهد بها.

وتابع فخامته «من خلال خطة العمل وإعلان بيجين، ستسمح لنا هذه القمة بمواصلة مسيرتنا نحو التنمية المستدامة من خلال الربط بين أجندة الأمم المتحدة لعام 2030، وأجندة عام 2063 للاتحاد الأفريقي. واستراتيجياتنا الخاصة. ويمثل ذلك وضعا مواتيا لتوسيع أبعاد التعاون الصيني الأفريقي وتعميقه. بالإضافة إلى ذلك، نرحب بمنصات الحوار التي أقامتها الصين لتعزيز المناقشات الرفيعة المستوى بين المفكرين الأفارقة والصينيين من أجل التبادل والمشاركة، بروح من الصداقة والنقد البناء في جميع المجالات الرئيسية للتنمية. ومما لا شك فيه أن هذه الديناميكية تسهل تحقيق الأهداف المشتركة من خلال تبادل المعرفة والممارسات الجيدة ونقل التكنولوجيا والاتصالات.

وأردف «إن إفريقيا، أيها السيدات والسادة، تسعى للبروز، ولديها الموارد والاحتياجات، وتوفر الفرص. ولكن هذه الفرص لن تخدمنا بدون سلام واستقرار سياسي قوي، وهي الركائز الوحيدة التي تقوم عليها جميع المشاريع الكبرى ذات الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية العالية. ولهذا السبب أناشد ضميركم الجماعي لمواجهة أي تهديد يمكن أن يقوض أمننا واستقرارنا متحدين ومتضامنين».

واختتم رئيس الجمهورية كلمته بالقول: «نحن مقتنعون بأن هذا المنتدى سيعطي دفعة للاقتصاديات في ضوء «الحزام والطريق» من خلال تبسيط ووصول التدفقات التجارية في وقت قياسي، وبالتالي تحفيز التبادل الثقافي على الصعيد العالمي. وفي هذا الصدد، تطمح جيبوتي لأن تصبح منصة اقتصادية وتجارية من خلال مبادرة الحزام والطريق كبوابة للدخول إلى هذا الطريق التجاري. ومن ثم فإنها تعتزم تطوير التبادل التجاري مع منطقة شرق أفريقيا «منطقة الإيجاد» وكتلة الكوميسا التي تضم 19 دولة، تسع منها غير ساحلية».

واختتمت قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي بالتأكيد على اتفاق الصين والدول الإفريقية على العمل معا من أجل بناء مجتمع أقوى ذي مستقبل مشترك، وذلك في الإعلان الذي تم تبنيه في ختام أعمال قمة منتدى بيجين 2018 (فوكاك).

واتفق الجانبان، حسب نص الإعلان الذي تم توزيعه مساء أمس الأول الثلاثاء، على تعزيز الحوار الجماعي، والصداقة التقليدية، وتعميق التعاون العملي، والعمل معا نحو بناء مجتمع أقوى ذي مستقبل مشترك، مؤكدين أن التعاون الصيني الأفريقي في إطار مبادرة (الحزام والطريق) التي تعتبر إفريقيا مشاركا مهما فيها، سيوفر المزيد من الموارد والوسائل، ويوسع السوق والفضاء للتنمية الإفريقية والمنظور التنموي بشكل عام.

وأكدت الدول الإفريقية في الإعلان دعمها للصين لاستضافة منتدى «الحزام والطريق الثاني للتعاون الدولي» في عام 2019.

وأشادت الصين والدول الإفريقية بالدور الذي أداه منتدى التعاون «الصيني - الإفريقي» (فوكاك) على مدى السنوات الـ18 الماضية منذ تأسيسه لتعزيز العلاقات الصينية الإفريقية.

وتتعهد الصين في الإعلان بمواصلة تعزيز التضامن والتعاون مع البلدان الإفريقية تمشيا مع مبدأ الإخلاص والنتائج الحقيقية والتقارب وحسن النية، والتمسك بالعدالة عند السعي لتحقيق المصالح المشتركة على النحو الذي اقترحه الرئيس الصيني «شي جين بينج».

ورحبت الصين بافتتاح مكتب تمثيلي للاتحاد الإفريقي في العاصمة (بكين).

من جهتهم أكد الأعضاء الأفارقة في منتدى (فوكاك) مجددا التزامهم بمبدأ «صين واحدة»، ودعمهم لإعادة توحيد الصين، وجهود الصين في حل النزاعات الإقليمية والبحرية سلميا من خلال المشاورات والمفاوضات الودية.

وفيما يتعلق بالتعاون في مجال مكافحة الفساد، رحبت الصين والدول الإفريقية بإطلاق السنة الإفريقية لمكافحة الفساد، وتتعهد باغتنامها كفرصة لتعزيز الجهود المشتركة لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة.

وتماشيا مع مبدأ المنفعة المتبادلة والتعاون المربح للجانبين، «ستواصل الصين بموجب الإعلان المساعدة في تعزيز القدرة الإنتاجية لإفريقيا في الصناعات الثانوية وغيرها، وتعزيز التحول والارتقاء بالاقتصاد والتجارة بين الصين وإفريقيا والتعاون الذي يركز على تحسين النمو المدفوع داخليا ويقلل من الاعتماد على تصدير المواد الخام، كما ستواصل الصين تقديم المساعدة والدعم لتنمية إفريقيا دون أي قيود سياسية».

وأكدت الصين والدول الإفريقية التمسك بقوة بالتعددية، ومعارضة جميع أشكال النزعة الانفرادية والحمائية، معربة عن تأييدها للتقدم في تطوير منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وسوق النقل الجوي الإفريقي الموحد.

وحث الإعلان الدول المتقدمة على الوفاء بالتزاماتها في مجال المساعدة الإنمائية للدول النامية، لاسيما الإفريقية في الوقت المناسب ودون نقصان.

وتتعهد الصين بأن تدعم بقوة الدول الأفريقية والمنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي في جهودها الرامية إلى حل المشاكل الإفريقية بصورة مستقلة وبما يتناسب مع الأوضاع الأفريقية، مع مواصلة القيام بدور بناء في ضوء حاجة أفريقيا، في إطار المساعي الحميدة والوساطة في القضايا الإفريقية الساخنة.

وفيما يتعلق بالتصدي لتغير المناخ وحماية البيئة، دعا الإعلان الدول المتقدمة إلى الوفاء بالتزاماتها ذات الصلة في موعد مبكر، ودعم الدول الإفريقية بالتمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات.

وأشار الإعلان إلى أن الصين ستعمل مع أفريقيا لمكافحة التجارة غير المشروعة في الحياة البرية. ورحبت الصين والدول الإفريقية في الإعلان، بالسنغال باعتبارها الرئيس المشترك المقبل لمنتدى (فوكاك)، كما رحبت بتنظيم المؤتمر الوزاري الثامن للمنتدى في السنغال عام 2021.

لقاءات مع كبريات الشركات الصينية

على هامش قمة منتدى التعاون الصيني الافريقي، إلتقى رئيس الجمهورية بعدد من رؤساء كبريات الشركات الصينية، حيث التقى بالرئيس التنفيذي لمجموعة التجارة الدولية السيد/ لي جيان هونغ، واستعرض معه التقدم المحرز في مشروع بناء مركز الأعمال الذي تنفذه هذه المجموعة الصينية في موقع ميناء جيبوتي السابق.

وتعد هذه الشركة الصينية شريك جمهورية جيبوتي في مشروع ميناء دوراله متعدد الأغراض، ومنطقة التجارة الحرة الدولية الجديدة.

كما استقبل رئيس الجمهورية الرئيس التنفيذي لشركة الهندسة المدنية الصينية (CCECC) السيد/ تشاو ديان لونغ، وهو رئيس الشركة الصينية التي قامت بتشييد خط السكك الحديدية الكهربائي الرابط بين جيبوتي وإثيوبيا، وتمحورت المحادثات خلال اللقاء حول مشروع بناء البرجين التوأمين اللذين تعتزم الشركة إنشاءهما في منطقة بلعوص بجيبوتي العاصمة، وتقييم استثمارات الشركة في مشاريع السكك الحديدية الجديدة، وقطاع السياحة بجيبوتي مستقبلا.

وفي الإطار ذاته، التقى رئيس الجمهورية برئيس شركة بولي جي سي إل الصينية السيد/ زوغونغ شان. وهي الشركة الفائزة بعقد تنفيذ مشروع نقل الغاز الطبيعي من إثيوبيا إلى بلدة دميرجوك بجيبوتي، والذي يشمل تشييد أنبوب لنقل الغاز من شرقي إثيوبيا وإقامة مصنع تسييله، ومحطة لتوليد الكهرباء.

وقدم مسؤول الشركة الصينية لرئيس الجمهورية خلال اللقاء إحاطة حول بدء تنفيذ عدد من المشاريع الاقتصادية التي تنفذها الشركة في جيبوتي.

وأخيرا، استقبل رئيس الجمهورية البروفيسور جاستين لين، وهو أكاديمي دولي بارز في مجال الاقتصاد، وخبير لدى المجلس الاستشاري للرئيس الصيني شي جين بينغ ونائب سابق لرئيس البنك الدولي، وتم خلال المقابلة تبادل الآراء حول جملة من المشاريع الاقتصادية.

 

المصدر :alqarn

You may also like...